أنتِ مظلومة

لقد خُلقِتْ بعدة صفات مميزة، صفات حسية وأخرى جسدية، وأهم تلك الصفات الحسية أو النفسية هي الحياء والعاطفة، وهنالك فروق عديدة أخرى لا مجال هنا لسردها، ولكن عندما أتمعن في هذه الصفات أوالمزايا لا أستسيغ أن أستمع لمن ينادي بالمساواة الكاملة كون أن بعضاً من تلك الصفات تقف حاجزاً عن تحقيق ذلك، ولكن ……

لماذا ينظر للمرأة في المجتمعات العربية بأنها “العيب”؟. إن أصابت لا يكترثون بما أصابت، وإن أخطأت أقاموا الدنيا ولَم يقعدوها. قديماً كانت عاراً على أبيها ويصل الأمر ببعضهم أن يئدوها، عادة جاهلية للأسف ما زالت إلى وقتنا الراهن، ما زلنا نئدها بأفكارنا التي خيمت على عقولنا، حتى وهي في مناصب متفاوتة في المجتمع.

المجتمع الشرقي

في مجتمعاتنا التي يطلق عليها “الشرقية”، خطأ الرجل بخطأ وأحياناً خطؤه يبروز عنواناً للرجولة تحت شعار “الرجال مايعيبه شي”، وأما المرأة فخطؤها بألف خطأ ويبروز بعنوان العار والشرف. وكأن الخطأ والتجاوز مسموح للرجل وتناسوا أن الفعل واحد واقتراف الذنب لا يميز بين رجل وامرأة. كما أن الله عز وجل لم يفرق عندما أنزل العقوبة بين الرجل والمرأة .

هو العُرفُ

هذه نظرة عادات وتقاليد أو ما يسمونه العُرف الدارج، وليست نظرة الدين الذي جاء وحررنا من عبودية البشر والأصنام وأنقذ المرأة من الوأد وأنعم عليها بالحقوق التي في معظم الأحيان تفوق حقوق الرجل بعد أن كانت نذير شؤم وعار، فالمسألة ليست بدين.

الواقع

تعالوا بِنَا لنتصور شيئاً من الواقع الذي نعيشه والذي أصبحت فيه كل سبل وسائل التواصل ممكنة من الـ Snapchat وInstagram و Twitter وغيرهما من الوسائل المتاحة. كنت في نقاش مع أحد الأصدقاء وتكلمنا عن مسألة الرجل وحريته في استخدام هذه الوسائل، يراسل ويقيم العلاقات مع من شاء وغالب هذه العلاقات مع النساء، وهذا ما يشهده مجتمعنا، إذ يسرح ويمرح دون وجود ضابط أخلاقي ومع ذلك فهو في نظر المجتمع رجل لا يعيبه شيء حتى أصبح هذا الأمر من باب الطيش المألوف أي “عادي”، وفي المقابل إذا استخدمت المرأة هذه الوسائل بنفس استخدام الرجل فهي عديمة شرف وقد جلبت العار لأهلها أي “جريمة”، وهي قد تكون أخت ذلكم الرجل أو ابنة عمه أو خاله وقد تكون أيضاً زوجته. فهذه صورة من واقع تبين لنا أن هذا الفعل هو عمل خاطئ في أساسه، إذن كيف لك أيها الرجل فعله وهو خطأ، أنت لا تقبل ذلك على من هم حولك من نساء بيتك لأنه خطأ، فلا تقبله على نفسك لأنه أيضا خطأ.

الجزاء من جنس العمل

ارتكاب الخطأ ليس حكراً على أحد، حجم المصيبة لا يتفاوت بين شخص وآخر ولا بين رجل وإمرأة، بل إن الجزاء من جنس العمل، “فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ** وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ“، الخطأ خطأ، وحقيقة أن ما يقلق هو ليس إرتكاب الذنب، فنحن غير معصومين، ولكن القلق أن يخدش شرف المرأة بإرتكاب الذنب ولا يخدش إذا إرتكب الرجل الذنب، وكأن الشرف قد خلق للمرأة عن غيرها، عُرفٌ ذو جاهلية.

الضابط

ما إن اختل ضابط الأخلاق في التعامل بين الجنسين فإن المرأة هي تلك الشماعة المعلقة التي سنعلق عليها الأخطاء حتى تسقط، يجب أن نصلح ضابط الأخلاق هذا، المرأة غدت ضحية هذا الاختلال الأخلاقي في المجتمع، إن ابتسمت وإن نظرت وحتى إن بكت يؤول ذلك كله بضابط الأخلاق المختل، تستخدم في الغرب كسلعة أو كمنتج وفي الشرق ضحية ضابط مختل. وكلنا يحفظ قول الشاعر شوقي:

وإنِّما الأُمَمُ الأخلاقُ ما بَقِيَتْ

فَإنْ هُمُ ذَهَبَتْ أَخلاقُهُمْ ؛ ذَهَبُوا .

ختاماً، نرى أننا في زمن تمتهن فيه المرأة وتظلم وهذه جاهلية، حتى ارتفع صوت المطالبة بحقوق المرأة بسبب نظرة مجتمع شرقي جهل دوره اتجاه المرأة، وكيف يكون هذا من الدين وقد قال سيدنا محمد “النساء شقائق الرجال” وذكرنا بهن بل أوصانا وهو على فراش موته وقال “أوصيكم بالنساء خيرا” وكأننا به ينبهنا بزمان تغدو فيه المرأة مهانة.

باختصار:

هو أخطأ هي أخطأت، هي مخطئة … ـ المجتمع ـ

هو أخطأ هي أخطأت، كلاهما مخطئ … ـ الحق ـ

تحياتي

عمر بن يحيى الجفري

4 comments

  1. المرأة عدوة المرأة وقد تكون عدوة نفسها فعندما يتربى أبناء مجتمعنا على أن أخطاء الذكور بسيطة ومقبولة بينما الأنثى عكس ذلك عندما يتحدث النساء في المجالس على أن “الرجال مايعيبه شي” وأن مايرتكبه من أخطاء ليس لها أهمية فهو في نهاية المطاف رجل ويحتقرن من هي مثلهن ويتحدثن عنها في كل مكان وزمان حتى يتعرف سكان كوكب المريخ عليها !!!في الحقيقة العديد من النساء تقبلن دور المظلومات وتقمصن الكثير من الأدوار حتى أصبح هذا الشيء لا يؤثر على بعضهن وأصبح هو الصحيح المعتاد وأن المرأة الواثقة التي تتحدث وتتطالب بحقوقها التي شرعها لها الإسلام هي مرأة ……..الخ(من حديث النساء) في الحقيقة أعتب على نساء مجتمعنا في هذا الموضوع (من يعطي ظهره لا ينبغي له الشكوى من الضربات التي يعانيها ) طبعا لا أنكر أن لبعض الرجال صلة في هذا الموضوع كما أن بعض النساء خلطن الحابل بالنابل في موضوع الحقوق والمساواة

    Liked by 1 person

  2. إذا رأى المجتمع من منظار الحق في جميع النواحي ومنها موضوع المرأة تتلاشى التفاصيل التي تؤدي إلى نظرة سلبية ومن ثم إلى عرف مجتمعي يصبح منهاجا فيما بعد في التعامل، تماماً مثل تعامل المجتمع حاليا اتجاه أخطاء الرجل والمرأة ،، والله أعلم

    Like

  3. كنت بتعاطف مع هالمقال وابكي علينا، لكن تبغا الصدق؟

    احنا اللي ربينا واحنا اللي رضينا، واحنا بكره حنكبر ونغير بإدينا. وسلامتكم

    ترى البنت اللي بتقعد تسمع للناس وقيمهم الخاطئه ما حتستفيد، اللي متطلعه وفاهمه وواعية وتبغا تغير حتغير باذن الله. وكان الله بعوننا،، واسأله ان يوفق ما بيننا وبين اشقاؤنا وحبايبنا وكله 🙂
    لغة رائعه، وتقبل منا مرورنا على بستانكم شكرا

    Liked by 1 person

  4. بالفعل مقال اكثر من رائع، 👏🏻 👏🏻👏🏻👏🏻👏🏻 لقد كرم الدين المرأة وجعل لها مهام كثيره في الحياه، على سبيل المثال أم عمارة زوجة ولديها اربعة اولاد شاركت في عدة غزوات مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعض من معارك حروب الردة. و منها غزوة أحد وقد جرحت جراحًا بليغة. وقد شاركت كذلك في بيعة الرضوان التي نزل حينها الوحي بقوله تعالى: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ} الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا}
    وشهدت أم عمارة بعدئذ صلح الحديبية الذي عُقد بين المسلمين وأهل مكة بعد عودة عثمان. ثم حضرت مع النبي محمد عمرة القضاء في العام التالي. وازيدك من الشعر بيت وقفت وفي يدها سيف تصيح في الأنصار: «أيَّة عادة هذه؟! ما لكم وللفِرار؟!» واخذت تقاتل، ثم عاد المسلمون للقتال لمّا رأوا ثبات النبي محمد في قلة معه في غزوة حنين اعتقد بعد فتح مكة.
    والكثير من المواقف مع ام عمارة وغيرها من الصحابيات الجليلات وامهات المؤمنين.
    فان كرم الاسلام المرأة وجعل لها شأن كبير، لماذا يعود المجتمع بإعادتها إلى الجاهلية؟!

    Liked by 1 person

Leave a Reply