“لأجلِ الوِّد .. أحبكم”

 

فكرتُ كثيراً وتأملتُ في عدة أمور وقضايا واستوقفتني قضية الأذى الذي ينالُنا مِن مَن حولنا، وما أعنيه هو الأذى المعنوي لا الحسي وبدأت بل قررت أن أتخذ منهج أو مبدأ “التغافل”.

أصبحت أتغافل عن كثير من أخطائهم،وأغض الطرف عن ما يُقرأ على وجوههم مما يجول ويحاك في خواطرهم، وأتغافل عن كل همزٍ ولمزٍ وغمزٍ، وسألت نفسي: هل هذا التغافل لصغر عقولهم؟ أم هل هو لضعفهم؟ أم هل هو إرضاء للذات التي طالما تكرر على مسامعي “كبر رأسك وخليك الكبير” .. ووجدت في لحظة صدق بأن الإجابة: مطلقاً لا.

“ما زال التغافلُ من فعلِ الكرامِ”، الحسن البصري.

هناك سرٌ أسمى وأعلى حدا بي أن أقدم التغافل والسماحة بل فرض عليَّ ذلك، وهو الحُبُّ.. وسمِّهِ ما شئت، وإن أردت أن تسمِّهِ ضعفاً سمِّهِ .. أما أنا فسأُسمِّهِ قوةً، وتكمن هذه القوة في إبقاء الود الذي في الأساس كان قائماً ولا يتأتى أن يزول هذا الأساس أو الود لمجرد أخطاء تصدر منا ونحن البشر بطبيعتنا معرضون للخطأ.

وغالباً ولبقاء الود والعرفان قد يزج بك التغافل داخل دائرة رحيل مغلقة مع أمتعة من الذكريات، فكم خسرنا صحبةً وددنا لو عاد بِنَا الزمن لنحدثهم عن الأوقات التي مضت وعن لوعة الشوق المكنون في باطننا لهم، وأن قرار الرحيل كان مُرًّا لابد من تجرعه لبقاء الجميل وعافية النفس، وقد قيل بأن “العافية عشرة أجزاء كلها في التغافل”.

فلنطهر قلوبنا من الأحقاد ومن الكراهية ومن الحسد ومن البغض، فقلوبنا هي محط نظر الله سبحانه وتعالى، فلا نرضى أن ينظر الله إليها وهي متسخة.

“إن القذارة الحقيقية تقبع في الداخل، أما القذارة الاخرى فتزول بغسلها. ويوجد نوع واحد من القذارة لا يمكن تطهيرها بالماء النقي، وهو لوثة الكراهية والتعصب التي تلوث الروح. نستطيع أن نطهر أجسامنا بالزهد والصيام، لكن الحب وحده هو الذي يطهر قلوبنا”، من كتاب “قواعد العشق الأربعين” لجلال الدين الرومي.

وأختم فأقول: الحُبُّ شجرة أحد أغصانها غصن السماحة، فلنجني من ثماره ما يقوينا على أن نرى ونسمع ونتحدث بالحب، فيا سادتي املؤوا قلوبكم بالحب وأعلنوه، حتى في أصعب المواقف، “فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ”.. كان ذلك حُباً.

تحياتي

عمر بن يحيى الجفري

4 comments

    1. This article is a personal experience, when I got to deal with this issue I was talking to myself a lot, putting some solutions then I came up with what I wrote .. why should I hate someone while I can keep a distance with respect 🙂
      ان شاء الله أن يكون ما كتبته في هذه المقالة أو ما كتبته من مقالات أو ما سأكتب عنه مستقبلا ينعكس على تصرفاتي وأن لا يكون فقط كلام دون فعل

      Like

  1. فلنطهر قلوبنا من الأحقاد”
    ومن الكراهية ومن الحسد والبغض
    فقلوبنا هي محط نظر الله سبحانه وتعالى
    “فلا نرضى أن ينظر الله إليها وهي متسخة
    👌👌
    الكراهية وغيرها من الصفات الغير حميدةلا تعود لصحابها بالنفع

    لكن التغافل من أذكى الفنون يصعب إتقانه أمام أشخاص يتقنون فن الإستفزاز في المقابل
    😠😓

    Like

Leave a Reply

Fill in your details below or click an icon to log in:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s